معا لتغيير نمط التفكير [ ٣ ]
تجنب الوقوع تحت هيمنة الآخر
بشكل أو بآخر اعتاد الناس التدخل في شؤون الآخرين! ظنا منهم أن خبرتهم في الحياة تؤهلهم أن يكونوا في مقام صاحب الرأي السديد ! فهذا مثلا يقدم لك مقترحا في أمور تخصك وحدك تعاني منها ! فتجده يتحدث إليك و كأنه مفتاح الحل الوحيد لمشكلتك! و تجده يضفي على حلوله هالة من القدسية و يوهمك أنها - أي مقترحاته - وحدها تفضي بك إلى نتائج إيجابية رائعة تتحول معها حياتك إلى عطاء و ازدهار - ففي جلسة واحدة تجد ذلك الشخص يقترح عليك عدة حلول لمشكلة ربما كنت قضيت أياما و ليال تقلب وجهات النظر بحثا عن حل مناسب لها باعتبارها مشكلتك و أنت أدرى بها ! -
[قلت: نعم قد تجد بعض الآراء التي تصدر عن أهل الاختصاص تساهم في حل مشكلتك أو جزء منها، لكن هؤلاء قلما تصادفهم في حياتك العملية، و قلما تجدهم في مجتمعات تعج بالحواة و يكثر فيها طهاة الدجل و أمراء و فرسان الكلام و أساطين النفاق ]
و في مثال آخر تجد في حياتك من يضفي على نفسه صفة العليم العلام و الخبير الذي لا يبارى و لا يجارى و لا يشق له غبار في حل مشاكل الآخرين - قلت: يزداد الأمر سوء أن يكون هذا في موقع المسؤولية و القرار فتجده يفرض نفسه عليك باعتباره الوحيد الأوحد في حل عموم مشكلات الإنسان ! -
و هذا ثالث يطرح نفسه عليك باعتباره المفتاح الذي يفتح كل الأبواب! فهو على صلة و اتصال و تواصل و وصول إلى كل الجهات المعنية و أصحاب الشأن و القرار و رجال السلطة [ قلت: و ما أكثر من يحتال عليك في هذا المضمار فهو يتقمص دور العصا السحرية التي بلمسة منها تنقلب كافة الموازين! بل: كل لمسة منها لها أجر مخصوص و معلوم، و كما يقول عوام الناس = كل حجرة و لها اجرة = و يا ويل الغشيم يسقط بين يدي أولئك! ]
و هذا رابع يتقمص دور الرجل المحترم صاحب المال أو صاحب القوة و النفوذ و السلطان و أنه مرهوب الجانب و أنه يمثل قوة حارقة خارقة! فهو يملي كلامه بطريقة فوقية مقيتة و يؤكد أن حلوله دائما هي القول الفصل في كل أمر و شأن و توجه و سلوك !
إن هذه الأصناف من الناس التي ذكرتها لكم و غيرها كثير تجدهم يملون عليك بشكل أو بآخر طريقة معوجة في التفكير ، و تجد نفسك على إثرها تسير في حياتك من سوء إلى ما هو أسوء حتى تغدو حياتك جحيما لا يطاق!
إن حياة أي فرد من الناس لن تستقيم مالم يكن هذا الفرد صاحب مبادرة أو صاحب رأي مستقل أو صاحب قرار، و لن تستقيم حياة امرئ من الناس إلا أن يكون رجل ثقافة بما في الثقافة من علم و معرفة و فكر، و أن يغلف ذلك كله بأدب جم و خلق كريم فاضل، و لطف و دماثة و تواضع و سماحة و طيب.
إن تحرر الواحد منا من سطوة الغير ممن يوهمنا أنه [سوبر مان] فذلك يعني أننا قطعنا ثلاثة أرباع الشوط في طريقنا نحو رفعة و سيادة
- و كتب: يحيى محمد سمونة -
مساء الاثنين 24/7/2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق