بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 أبريل 2016

الطفل الشهيد بقلم عبدالصبور الحسن

الطفل الشهيد
أنا ذهبتُ يا أبي ...
أنا لم أمتْ
أطوفُ بينكم طولَ النهار
بعلامةِ الّليلة البارحة :
منفضة الدّخان الممتلئةِ أمامكَ
وفنجان قهوتكَ الباردِ
وأنت تتفرّج على صوري من لحظةِ القِماطِ إلى لحظةِ العبورِ مضرّجاً إلى الضِّفة الأخرى...
أنا حيٌ يا أبي ...
بعلامةِ فِراشيَ الذي مايزال ممدوداً ودافئاً
وثيابي المعلقةِ على المسمارِ خلف الباب
وبعلامةِ أنّك تناديني بين حينٍ وآخر لأحضرَ لكَ الشّاي للضّيوف ...
أنا لم أمتْ يا أبي ...
إنّي ذهبتُ
لأمسحَ الغبارَ فوقَ قرصِ الشّمسِ
ليضيء أكثر
ثم أعلِّقه في مكانهِ ... في مدارهِ
ليستقيمَ الزّمن
وأكنسُ الغيومَ من صفحةِ السّماءِ
لتصلَ خيوطُ الدِّفء إلى مكامنِ البردِ
ثمّةَ أطفالٌ يريدون الذّهاب إلى المدرسةِ صباحاً
وأمهاتٌ قد تجمّد النّسغُ في أثدائهن...
لعلّه يذوب..
وآباءٌ يجلسون صامتين تحتسون الهمَّ مع لفافة التّبغ الرّخيص
أنا ذاهبٌ يا أبي
لألملمَ نجوم اللّيل المتمردة وأنثرها على خدِّ السّماء
وأخرجُ القمرَ من جوفِ الحوتِ تائباً
فقد حانَ وقتُ الفرح
قد حان وقت النّصر ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق