قصيدة (جمعت اشتاتي) : كتبت في المهجر
-------------------------------
نحرت صحارى أم قطعت هضابا
فقد كان ليلي والضباب صحابا
وسائبتي تحبو على غير هديها
وزرعي أبى إلا يصار يبابا
وحقّك ما زلّت عن العهّد خطوتي
ثبوتاً وإن كان الزمان خرابا
وما كان فقْدُ المال عيباً ولو أرى
بعينيَّ مدح المعوزين سبابا
تجدني متى ما شئت في عين سائلي
أكابر إلا أن أكون جوابا
فبعض أشاشي حيث تستدُّ قامتي
علواً وإن كان الفؤاد لُغابا
وما حطََّّ هامي كل همٍّ وهمَّتي
طويلٌ مداها ما تلوتُ سرابا
سبرتُ غوار الصحب حتى خبرتها
وحوشاً وأثراها الجحود حرابا
فأحزنت في سريي بما فوق طاقتي
وحتى كأنّي قد ألفت عذابا
ولم أشتكِ غدر الزمان لصاحبي
وإن كان صمتي في العتاب عتابا
************************
أنا الشتُّ في ارض الصديق ولم أجد
سوى السمّ في جوف التراب مذابا
أدوف دمائي بالوفاء وخافقي
قنوعٌ وغيري قد يسيل لعابا
فلو كنت ذا مال فقومي كثرة
وكل محاطٍ بالرجال يُحابى
فلا خير في طول الحياة وعرضها
إذا لم تجد إلا المنية بابا
فان تطعم الأحباب ماذيَ من صفا
نقياً فلن تلقَ الوفاء لبابا
-----
----
فيا عندليب الفجر شقشقت منشداً
وتعلم والي الروض كان غرابا
سترقص عن كره وإن كنت مرغماً
وتبسمُ لو كان المكشر نابا
************************
ومٌغتابِ في غابِ الأنام لشاهقِ
بعهدي فقد قام المغابُ وغابا
فلا تَلُمْ الغرثان عن ترك جيفة
إذا لم يكُن غير الطوى به عابا
فكم من ضباعٍٍ آلم التخم بطنها
وآساد تؤذيها البطون سِغَابا
وهاأنا من دهري أصوم على المدى
فأفطر صباراً وأسحر صابا
وإني و أيم الله راضٍ وزاهد
ولو شئتُ أغصبتُ الحياة غِصَابا
ولكنها روحي تعّف عن الخنا
ولن ترتضي إلا الفخار ركابا
فمن راقهُ عيشاً على الذلِّ لحظةً
يجد نفسه بين الرؤوس ذنابى
وحقّ الفتى أن يزدري العمر عفّة
فعزّ الفتى إمّا يعيش مهابا
فما كلّ من ساس الجواد بفارسٍ
ولا كلّ من قال الكلام أجابا
ولا كلّ من عاف الكرى عرف السرى
ولا كلّ ذي قلبٍ أحاط لبابا
************************
وقائلةٍ لمّا أناخ بها الهوى
وأسدلها ستر الحياء حجابا
أما لكَ من قلبٍ تدور به الرحى؟
ألا لك بين العاشقين رحابا؟
فقلت لها إنَّ النوى قتل الحشا
وأودعه يوم الرحيل ترابا
فقالت وبعض القول دون مسامعي
:-وأوقرتها- كي لا تزيد خطابا
حبيبكَ من تُسْمِعْ , سَميُعك من ترى
وقومكَ من ترضَ الجوارَ جِنابا
فقلت لها ما تدّعي لا يهزّني
وما لذَّ عيشي بالفراق وطابا
أيا هذهِ لا قلب لي دون نخلتي
فمن أين لي أن أستميل كعابا؟
أيا هذهِ هل تدركينَ خطيئةً
لصبٍّ على غير الصواب تَصابى؟
فإن تبتغي صدقاً بحبّك والجوى
أكون وما ترمي إليه كِذابا
فلا الرأس يعطي القلب مقود أمره
ولا القلب مطواعاً إليه فشابا
************************
بعيداً وحيداً والرماح تنوشني
غريباً وبعضي للسيوف نهابا
وقرّح مجرى الدمع غرب مدامعي
وما ثارها حزني تُصب غضابا
تشابكت الأنصال والأسل والظُبى
لدهري وما لي في وغاهُ إهابا *
فجمعّت أشتاتي بقيد مروءتي
ولا زال صبري للشتات ذبابا *
لججت ببحر الهّم والسيف ناحري
وخاضت دمائي والذِماء عبابا *
ستذكي وغمي والغمام سينجلي *
ترى البوم بوماً والعقاب عقابا
وروحي (هديلٌ) صادها جارح النوى *
شديد واكساها الدماء خِضابا
مهيضان جنحاها وطوق بعنقها
وقد شدّها أقصى الهيام أوابا *
إلى وطن ٍ لا تستريح ركابهُ
وفي مدلهمّات الخطوب شهابا
فيا سيد الأوطان يا ناطح العلا
ووصلك يكفي للمطيع ثوابا
************************
ويا فارساً لا يألف السهل مركبا
ولا يمتطي إلا الصعاب ركابا
ذكرتك إذ داس الزمان ترائبي*
لألقاك في حلق الجفاف رضابا*
فقد صغت لي في غربتيك تصبُّري*
وأيقنتني حمل المصاب صوابا
وتربو على الأيام فيك مودّة*
فلو طقتها حقا أُطيق عجابا
قصدتك كي ترقأ دموعيَ لا دمي*
وتوردني من ساقييك شرابا*
فقد آدني ذنب الفراق وشفّني*
وأنت سموحٌ والمحب أنابا*
فناءت ظهور الجاحدين مكارماً*
وردوا خناجر للقفا وحرابا
فيا أيها الأيوب , يوسف قد عفا
تناسى - وقد جاءوا حفاة - حسابا
فان صحت (يا بلواي) نستنهض الثرى
تجدنا زِحافاً شيبنا وشبابا
وخذ من دمانا واحتسي نخب فارسٍ
وضعنا على حد السيوف رقابا
---------------------------
* أهابا : جلدا // * ذبابا : حد السيف // * الذماء : بقية الروح في المذبوح
* ستذكي : ستشرق //
* (الهديل): حكاية طائر في زمن النبي نوح
وقد اصطاده جارح ويقال ان الطيور بكته// * الهيام : اقصى العطش
* ثوابا : جزاء الطاعة
*الترائب : عظام الصدر, اسفل عظم الترقوة //* الحلق : مابين الفم والمرئ// *الرضاب : الريق//
*تربو : تنتفخ وتعلو وتكبر //* ترقأ :من الرقوء وهو ما يسكن به الدم والدمع//*ساقييك: دجلة والفرات// *آدني:اثقلني//* شفّني : اهزلني//*اناب : عاد عن ذنبه //* ناء :نهض مثقلا //
*********************************************
بقلم المهندس محمد الخلفاوي
-------------------------------
نحرت صحارى أم قطعت هضابا
فقد كان ليلي والضباب صحابا
وسائبتي تحبو على غير هديها
وزرعي أبى إلا يصار يبابا
وحقّك ما زلّت عن العهّد خطوتي
ثبوتاً وإن كان الزمان خرابا
وما كان فقْدُ المال عيباً ولو أرى
بعينيَّ مدح المعوزين سبابا
تجدني متى ما شئت في عين سائلي
أكابر إلا أن أكون جوابا
فبعض أشاشي حيث تستدُّ قامتي
علواً وإن كان الفؤاد لُغابا
وما حطََّّ هامي كل همٍّ وهمَّتي
طويلٌ مداها ما تلوتُ سرابا
سبرتُ غوار الصحب حتى خبرتها
وحوشاً وأثراها الجحود حرابا
فأحزنت في سريي بما فوق طاقتي
وحتى كأنّي قد ألفت عذابا
ولم أشتكِ غدر الزمان لصاحبي
وإن كان صمتي في العتاب عتابا
************************
أنا الشتُّ في ارض الصديق ولم أجد
سوى السمّ في جوف التراب مذابا
أدوف دمائي بالوفاء وخافقي
قنوعٌ وغيري قد يسيل لعابا
فلو كنت ذا مال فقومي كثرة
وكل محاطٍ بالرجال يُحابى
فلا خير في طول الحياة وعرضها
إذا لم تجد إلا المنية بابا
فان تطعم الأحباب ماذيَ من صفا
نقياً فلن تلقَ الوفاء لبابا
-----
----
فيا عندليب الفجر شقشقت منشداً
وتعلم والي الروض كان غرابا
سترقص عن كره وإن كنت مرغماً
وتبسمُ لو كان المكشر نابا
************************
ومٌغتابِ في غابِ الأنام لشاهقِ
بعهدي فقد قام المغابُ وغابا
فلا تَلُمْ الغرثان عن ترك جيفة
إذا لم يكُن غير الطوى به عابا
فكم من ضباعٍٍ آلم التخم بطنها
وآساد تؤذيها البطون سِغَابا
وهاأنا من دهري أصوم على المدى
فأفطر صباراً وأسحر صابا
وإني و أيم الله راضٍ وزاهد
ولو شئتُ أغصبتُ الحياة غِصَابا
ولكنها روحي تعّف عن الخنا
ولن ترتضي إلا الفخار ركابا
فمن راقهُ عيشاً على الذلِّ لحظةً
يجد نفسه بين الرؤوس ذنابى
وحقّ الفتى أن يزدري العمر عفّة
فعزّ الفتى إمّا يعيش مهابا
فما كلّ من ساس الجواد بفارسٍ
ولا كلّ من قال الكلام أجابا
ولا كلّ من عاف الكرى عرف السرى
ولا كلّ ذي قلبٍ أحاط لبابا
************************
وقائلةٍ لمّا أناخ بها الهوى
وأسدلها ستر الحياء حجابا
أما لكَ من قلبٍ تدور به الرحى؟
ألا لك بين العاشقين رحابا؟
فقلت لها إنَّ النوى قتل الحشا
وأودعه يوم الرحيل ترابا
فقالت وبعض القول دون مسامعي
:-وأوقرتها- كي لا تزيد خطابا
حبيبكَ من تُسْمِعْ , سَميُعك من ترى
وقومكَ من ترضَ الجوارَ جِنابا
فقلت لها ما تدّعي لا يهزّني
وما لذَّ عيشي بالفراق وطابا
أيا هذهِ لا قلب لي دون نخلتي
فمن أين لي أن أستميل كعابا؟
أيا هذهِ هل تدركينَ خطيئةً
لصبٍّ على غير الصواب تَصابى؟
فإن تبتغي صدقاً بحبّك والجوى
أكون وما ترمي إليه كِذابا
فلا الرأس يعطي القلب مقود أمره
ولا القلب مطواعاً إليه فشابا
************************
بعيداً وحيداً والرماح تنوشني
غريباً وبعضي للسيوف نهابا
وقرّح مجرى الدمع غرب مدامعي
وما ثارها حزني تُصب غضابا
تشابكت الأنصال والأسل والظُبى
لدهري وما لي في وغاهُ إهابا *
فجمعّت أشتاتي بقيد مروءتي
ولا زال صبري للشتات ذبابا *
لججت ببحر الهّم والسيف ناحري
وخاضت دمائي والذِماء عبابا *
ستذكي وغمي والغمام سينجلي *
ترى البوم بوماً والعقاب عقابا
وروحي (هديلٌ) صادها جارح النوى *
شديد واكساها الدماء خِضابا
مهيضان جنحاها وطوق بعنقها
وقد شدّها أقصى الهيام أوابا *
إلى وطن ٍ لا تستريح ركابهُ
وفي مدلهمّات الخطوب شهابا
فيا سيد الأوطان يا ناطح العلا
ووصلك يكفي للمطيع ثوابا
************************
ويا فارساً لا يألف السهل مركبا
ولا يمتطي إلا الصعاب ركابا
ذكرتك إذ داس الزمان ترائبي*
لألقاك في حلق الجفاف رضابا*
فقد صغت لي في غربتيك تصبُّري*
وأيقنتني حمل المصاب صوابا
وتربو على الأيام فيك مودّة*
فلو طقتها حقا أُطيق عجابا
قصدتك كي ترقأ دموعيَ لا دمي*
وتوردني من ساقييك شرابا*
فقد آدني ذنب الفراق وشفّني*
وأنت سموحٌ والمحب أنابا*
فناءت ظهور الجاحدين مكارماً*
وردوا خناجر للقفا وحرابا
فيا أيها الأيوب , يوسف قد عفا
تناسى - وقد جاءوا حفاة - حسابا
فان صحت (يا بلواي) نستنهض الثرى
تجدنا زِحافاً شيبنا وشبابا
وخذ من دمانا واحتسي نخب فارسٍ
وضعنا على حد السيوف رقابا
---------------------------
* أهابا : جلدا // * ذبابا : حد السيف // * الذماء : بقية الروح في المذبوح
* ستذكي : ستشرق //
* (الهديل): حكاية طائر في زمن النبي نوح
وقد اصطاده جارح ويقال ان الطيور بكته// * الهيام : اقصى العطش
* ثوابا : جزاء الطاعة
*الترائب : عظام الصدر, اسفل عظم الترقوة //* الحلق : مابين الفم والمرئ// *الرضاب : الريق//
*تربو : تنتفخ وتعلو وتكبر //* ترقأ :من الرقوء وهو ما يسكن به الدم والدمع//*ساقييك: دجلة والفرات// *آدني:اثقلني//* شفّني : اهزلني//*اناب : عاد عن ذنبه //* ناء :نهض مثقلا //
*********************************************
بقلم المهندس محمد الخلفاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق