بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 مارس 2016

الكاتب الكبير
نهاد الحديثي
نتســاءل احيانا لمن نكتب؟ ولماذا؟
هل نكتب عن اولئك الذين امتطوا صهوات المجد؟ ام اولئك الذين امتطوا صهوات الأمال البيضاء؟ ام نكتب عن الحائرين والمتلظين بالجمر من شظف الحياة ومأسيها؟ ام نكتب عن الواقع المتردي لمجتمعاتنا بوجه عام؟
ونتــسأل ايضا/ اين وضوح الطريق لهذه الوجوه الكالحة المتخبطة في ظلمات الجهل والأنانية والتصرفات اللاخلاقية—احيانا—في مجتمع فوضوي، انعدمت فيه الرؤيا وضاعت معها الاحلام!!
لمــن نكتب ايها السادة؟!، فاعيد القول ان عبقرية الادب العربي انه جسد شخصيات الناس البسطاء لمن عضهم ناب الزمان بمكره وكفره واستوحشتهم وعـــــــود صفراء تبرق كالسراب اذا طلبته لم تجــده شيئا ووجدت الموت عنــده، وعندما تصرخ وامعتصماه تجد صدى الف صرخـــــة وليس ثمة معتصم هناك!
لابد آن يدرك الجميع أن الكتابة وجع وهم ولن يكون لها الحضور المشرف ألا من خلال انسياقها في قانون يحررها من النفاق , والكاتب الجيد لابد أن يتمرد على القيود فهو يموت بين حضيض الورق لان الكتابة تظهر بدون وساطة وتخرق كل القوانين وتكشف العيوب ولا تلمع الباهت فهي نظام يقوم على الحق أو الباطل بحسب نوعية الضمير الذي يحمله الكاتب لكي يُمتع الآخرين ويلغى نموذجه ويكون هوية لقلمه الذي يمثل وعية أو يكون مطبل لمن يكتب عنهم أو لهم !! لكي تكون كاتب جيد يجب أن لاترقص لمن حولك بقلمك أو بفكرك أو بورقك لكي يكون اكثر بياضا !! يعتبر الكثير من المبدعين أن الكتابة وجع يتشرب الروح ولا يستطيع الإنسان أن يساير الواقع إلا من خلال العمل , والكتابة من الأعمال الشاقة التي تربط بين الجسد والروح بين الحياة والموت , والكتابة خلدت الكثير من المبدعين في ذاكرة التاريخ وكل مبدع وكاتب قادر على أن يدخل قلوب الآخرين والكاتب اقرب الناس آلي القلوب إذا أراد أن يكون له السبق في شرف الحضور لذلك يعيش الكاتب اجمل لحظات العذاب والروعة والألم لان الكتابة لغة المعارف والتجلى مع وظيفة الحياة لأنها الروح التي تضخ الدم للحياة والموت !!
وجيل الخمسينيات وماتلاها انجب ابداعا عربيا غزا المشرق والمغرب بروائع الاقلام والحكم السياسية والنضالية والثقافية، واســسوا لنهضة عربية اعلامية- ثقافية تفتخــــر بها الاجيال لقرون طويلة، واليوم نعود ونبحث عن كاتب كبير يملأ الساحة الثقافية والابداعية كايام نجيب محفوظ والمنفلوطي والسباعي واحسان عبد القدوس ، وشعراء ملؤا الدنيا ضجيجا ولكنــنا --- للاسف لا نجد الا احباطا وغزارة في الانتاج وكتب الرفوف!! حتى الكتاب والمثقفون ماعادوا يقرأون الا اعادة قراءة كتب ودواوين قديمة ومنهم—انا—تركت دواوين ومؤلفات هذا الزمان وعدت من جديد اعـــــــيد قراءات قديمة !! ألاحظ في كثير مما يكتب في الصحف اليومية من مقالات ومتابعات ثقافية وقصائد او قصص لكنها –ربما—لا ترقى الى مستوى الطموح، هل هؤلاء الكتاب، وقد أضحوا قامات سامقة ومعروفين غدوا مرتاحي البال، فظنوا أن كل ما يسيل على شفاههم هو الصراح والماء القراح، فلم يتعبوا أنفسهم بالتجويد والأخذ على يد القلم ليتمهل ويتقن عباراته، ولم يشدّوا عنان الكلمات، فصار أحدهم كحاطب ليل، لا يدري أهو يقول الحق، أم أنه يلم فيما يسطر ما يثلم أساسيات المهنة، ويدخل الكاتب في دائرة الشك المقيت، ويكون ذلك دافعا لأن ينفض الناس من حول هؤلاء، فقد استخفوا بالقراء استخفافا ينم عن عدم احترام وتقدير لعقولهم، لم أكن أول من تحدث عن هذه الظاهرة، فقد أشار مرة محمود درويش بصفته رئيس تحرير مجلة الكرمل إلى اعتراض بعض الأدباء والمثقفين، لنشر بعض النصوص الرديئة في المجلة، فأجاب درويش بأننا ننشر لهؤلاء الكتاب لأسمائهم وشهرتهم، وقد علق مرة الناقد الفلسطيني عادل الأسطة في بعض مقالاته في جريدة الأيام الفلسطينية على هذه الظاهرة عند أحد الكتاب، واصفا ما يكتبه ذلك الكاتب لكثرته ورداءته بالإسهال! صحيح أن الكلمة قاسية، ولكنها تنم عن وعي نقدي جارح وصحيح حتى النخاع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق